فصل: الْمُصِيبَةُ كَاسِرَةٌ لِدَاءِ الْكِبْرِ وَقَسْوَةِ الْقَلْبِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد (نسخة منقحة)



.الْمُصِيبَةُ كَاسِرَةٌ لِدَاءِ الْكِبْرِ وَقَسْوَةِ الْقَلْبِ:

وَمِنْ عِلَاجِهَا: أَنْ يَعْلَمَ أَنّهُ لَوْلَا مِحَنُ الدّنْيَا وَمَصَائِبُهَا لَأَصَابَ الْعَبْدَ- مِنْ أَدْوَاءِ الْكِبْرِ وَالْعُجْبِ وَالْفَرْعَنَةِ وَقَسْوَةِ الْقَلْبِ- مَا هُوَ سَبَبُ هَلَاكِهِ عَاجِلًا وَآجِلًا فَمِنْ رَحْمَةِ أَرْحَمِ الرّاحِمِينَ أَنْ يَتَفَقّدَهُ فِي الْأَحْيَانِ بِأَنْوَاعٍ مِنْ أَدْوِيَةِ الْمَصَائِبِ تَكُونُ حَمِيّةً لَهُ مِنْ هَذِهِ الْأَدْوَاءِ وَحِفْظًا لِصِحّةِ عُبُودِيّتِهِ وَاسْتِفْرَاغًا لِلْمَوَادّ الْفَاسِدَةِ الرّدِيئَةِ الْمُهْلِكَةِ مِنْهُ فَسُبْحَانَ مَنْ يَرْحَمُ بِبَلَائِهِ وَيَبْتَلِي بِنَعْمَائِهِ كَمَا قِيلَ:
قَدْ يُنْعِمُ بِالْبَلْوَى وَإِنْ عَظُمَتْ ** وَيَبْتَلِي اللّهُ بَعْضَ الْقَوْمِ بِالنّعَمِ

فَلَوْلَا أَنّهُ- سُبْحَانَهُ- يُدَاوِي عِبَادَهُ بِأَدْوِيَةِ الْمِحَنِ وَالِابْتِلَاءِ لَطَغَوْا وَبَغَوْا وَعَتَوْا وَاللّهُ- سُبْحَانَهُ- إذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْرًا سَقَاهُ دَوَاءً مِنْ الِابْتِلَاءِ وَالِامْتِحَانِ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ يَسْتَفْرِغُ بِهِ مِنْ الْأَدْوَاءِ الْمُهْلِكَةِ حَتّى إذَا هَذّبَهُ وَنَقّاهُ وَصَفّاهُ أَهّلَهُ لِأَشْرَفِ مَرَاتِبِ الدّنْيَا وَهِيَ عُبُودِيّتُهُ وَأَرْفَعِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَهُوَ رُؤْيَتُهُ وَقُرْبُهُ.

.مَرَارَةُ الدّنْيَا حَلَاوَةُ الْآخِرَةِ:

وَمِنْ عِلَاجِهَا: أَنْ يَعْلَمَ أَنّ مَرَارَةَ الدّنْيَا هِيَ بِعَيْنِهَا حَلَاوَةُ الْآخِرَةِ يَقْلِبُهَا اللّهُ سُبْحَانَهُ كَذَلِكَ وَحَلَاوَةَ الدّنْيَا بِعَيْنِهَا مَرَارَةُ الْآخِرَةِ وَلَأَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ مَرَارَةٍ مُنْقَطِعَةٍ إلَى حَلَاوَةٍ دَائِمَةٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ عَكْسِ ذَلِكَ فَإِنْ خَفِيَ عَلَيْك هَذَا فَانْظُرْ إلَى قَوْلِ الصّادِقِ الْمَصْدُوقِ حُفّتْ الْجَنّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفّتْ النّارُ بِالشّهَوَاتِ وَفِي هَذَا الْمَقَامِ تَفَاوَتَتْ عُقُولُ الْخَلَائِقِ وَظَهَرَتْ حَقَائِقُ الرّجَالِ فَأَكْثَرُهُمْ آثَرَ الْحَلَاوَةَ الْمُنْقَطِعَةَ عَلَى الْحَلَاوَةِ الدّائِمَةِ الّتِي لَا تَزُولُ وَلَمْ يَحْتَمِلْ مَرَارَةَ سَاعَةٍ لِحَلَاوَةِ الْأَبَدِ وَلَا ذُلّ سَاعَةٍ لِعِزّ الْأَبَدِ وَلَا مِحْنَةَ سَاعَةٍ لِعَافِيَةِ الْأَبَدِ فَإِنّ الْحَاضِرَ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ وَالْمُنْتَظَرَ غَيْبٌ وَالْإِيمَانُ ضَعِيفٌ وَسُلْطَانُ الشّهْوَةِ حَاكِمٌ فَتَوَلّدَ مِنْ ذَلِكَ إيثَارُ الْعَاجِلَةِ وَرَفْضُ الْآخِرَةِ وَهَذَا حَالُ النّظَرِ الْوَاقِعِ عَلَى ظَوَاهِرِ الْأُمُورِ وَأَوَائِلِهَا وَمَبَادِئِهَا وَأَمّا النّظَرُ الثّاقِبُ الّذِي يَخْرِقُ حُجُبَ الْعَاجِلَةِ وَيُجَاوِزُهُ إلَى الْعَوَاقِبِ وَالْغَايَاتِ فَلَهُ شَأْنٌ آخَرُ. فَادْعُ نَفْسَك إلَى مَا أَعَدّ اللّهُ لِأَوْلِيَائِهِ وَأَهْلِ طَاعَتِهِ مِنْ النّعِيمِ الْمُقِيمِ وَالسّعَادَةِ الْأَبَدِيّةِ وَالْفَوْزِ الْأَكْبَرِ وَمَا أَعَدّ لِأَهْلِ الْبِطَالَةِ وَالْإِضَاعَةِ مِنْ الْخِزْيِ وَالْعِقَابِ وَالْحَسَرَاتِ الدّائِمَةِ ثُمّ اخْتَرْ أَيّ الْقِسْمَيْنِ أَلْيَقَ بِك وَكُلّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ وَكُلّ أَحَدٍ يَصْبُو إلَى مَا يُنَاسِبُهُ وَمَا هُوَ الْأَوْلَى بِهِ وَلَا تَسْتَطِلْ هَذَا الْعِلَاجَ فَشِدّةُ الْحَاجَةِ إلَيْهِ مِنْ الطّبِيبِ وَالْعَلِيلِ دَعَتْ إلَى بَسْطِهِ وَبِاَللّهِ التّوْفِيقُ.

.فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي عِلَاجِ الْكَرْبِ وَالْهَمّ وَالْغَمّ وَالْحَزَنِ:

أَخْرَجَا فِي الصّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ رَبّ الْعَرْشِ الْعَظِيمُ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ رَبّ السّمَاوَاتِ السّبْعِ وَرَبّ الْأَرْضِ رَبّ الْعَرْشِ الْكَرِيمُ وَفِي جَامِعِ التّرْمِذِيّ عَنْ أَنَسٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ قَالَ يَا حَيّ يَا قَيّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ وَفِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ إذَا أَهَمّهُ الْأَمْرُ رَفَعَ طَرْفَهُ إلَى فَقَالَ سُبْحَانَ اللّهِ الْعَظِيمِ وَإِذَا اجْتَهَدَ فِي الدّعَاءِ قَالَ يَا حَيّ يَا قَيّومُ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ اللّهُمّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلَا تَكِلْنِي إلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلّهُ لَا إلَهَ إلّا أَنْتَ وَفِيهَا أَيْضًا عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ قَالَ لِي رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَلَا أُعَلّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُولِيهِنّ عَنْدَ الْكَرْبِ أَوْ فِي الْكَرْبِ اللّهُ رَبّي لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَفِي رِوَايَةٍ أَنّهَا تُقَالُ سَبْعَ مَرّاتٍ. مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ مَا أَصَابَ عَبْدًا هَمّ وَلَا حُزْنٌ فَقَالَ: اللَهُمّ إنّي عَبْدُك ابْنُ عَبْدِك ابْنُ أَمَتِك نَاصِيَتِي بِيَدِك مَاضٍ فِيّ حُكْمُك عَدْلٌ فِيّ قَضَاؤُك أَسْأَلُكَ بِكُلّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمّيْتَ بِهِ نَفْسَك أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِك أَوْ عَلّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِك أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجَلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمّي إلّا أَذْهَبَ اللّهُ حُزْنَهُ وَهَمّهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحًا وَفِي التّرْمِذِيّ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقّاصٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: «دَعَوةُ ذِي النّونِ إذْ دَعَا رَبّهُ وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ لَا إلَهَ إلّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إنّي كُنْت مِنْ الظّالِمِينَ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطّ إلّا اُسْتُجِيبَ لَهُ». وَفِي رِوَايَةٍ: «إنّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُهَا مَكْرُوبٌ إلّا فَرّجَ اللّهُ عَنْهُ كَلِمَةَ أَخِي يُونُسَ» وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِي قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ فَقَالَ: «يَا أَبَا أُمَامَةَ مَا لِي أَرَاكَ فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصّلَاةِ؟» فَقَالَ: هُمُومٌ لَزِمَتْنِي وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللّهِ فَقَالَ: «أَلَا أُعَلّمُكَ كَلَامًا إذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ هَمّكَ وَقَضَى دَيْنَكَ؟» قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ: «قُلْ إذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ اللّهُمّ إنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمّ وَالْحَزَنِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدّيْنِ وَقَهْرِ الرّجَالِ» قَالَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ هَمّي وَقَضَى عَنّي دَيْنِي وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: «مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللّهُ لَهُ مِنْ كُلّ هَمّ فَرَجًا وَمِنْ كُلّ ضِيقٍ مَخْرَجًا وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ» وَفِي الْمُسْنَدِ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم كَانَ إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ فَزِعَ إلَى الصّلَاةِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصّبْرِ وَالصّلَاةِ} [الْبَقَرَةُ 4ُ5]. وَفِي السّنَنِ: «عَلَيْكُمْ بِالْجِهَادِ فَإِنّهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنّةِ يَدْفَعُ اللّهُ بِهِ عَنْ النّفُوسِ الْهَمّ وَالْغَمّ» وَيَذْكُرُ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: «مَنْ كَثُرَتْ هُمُومُهُ وَغُمُومُهُ فَلْيُكْثِرْ مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إلّا بِاَللّهِ» وَثَبَتَ فِي الصّحِيحَيْنِ أَنّهَا: «كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنّةِ». التّرْمِذِيّ: «أَنّهَا بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنّةِ». هَذِهِ الْأَدْوِيَةُ تَتَضَمّنُ خَمْسَةَ عَشَرَ نَوْعًا مِنْ الدّوَاءِ فَإِنْ لَمْ تَقْوَ عَلَى إذْهَابِ دَاءِ الْهَمّ وَالْغَمّ وَالْحُزْنِ فَهُوَ دَاءٌ قَدْ اسْتَحْكَمَ وَتَمَكّنَتْ أَسْبَابُهُ وَيَحْتَاجُ إلَى اسْتِفْرَاغٍ كُلّيّ. الْأَوّلُ تَوْحِيدُ الرّبُوبِيّةِ.
الثّانِي: تَوْحِيدُ الْإِلَهِيّةِ.
الثّالِثُ التّوْحِيدُ الْعِلْمِيّ الِاعْتِقَادِيّ.
الرّابِعُ تَنْزِيهُ الرّبّ تَعَالَى عَنْ أَنْ يَظْلِمَ عَبْدَهُ أَوْ يَأْخُذَهُ بِلَا سَبَبٍ مِنْ الْعَبْدِ يُوجِبُ ذَلِكَ.
الْخَامِسُ اعْتِرَافُ الْعَبْدِ بِأَنّهُ هُوَ الظّالِمُ.
السّادِسُ التّوَسّلُ إلَى الرّبّ تَعَالَى بِأَحَبّ الْأَشْيَاءِ وَهُوَ أَسْمَاؤُهُ وَصِفَاتُهُ وَمِنْ أَجْمَعِهَا لِمَعَانِي الْأَسْمَاءِ وَالصّفَاتِ الْحَيّ الْقَيّومُ.
السّابِعُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِ وَحْدَهُ.
الثّامِنُ إقْرَارُ الْعَبْدِ لَهُ بِالرّجَاءِ.
التّاسِعُ تَحْقِيقُ التّوَكّلِ عَلَيْهِ وَالتّفْوِيضِ إلَيْهِ وَالِاعْتِرَافِ لَهُ بِأَنّ نَاصِيَتَهُ فِي يَدِهِ يَصْرِفُهُ كَيْفَ يَشَاءُ وَأَنّهُ مَاضٍ فِيهِ حُكْمُهُ عَدْلٌ فِيهِ قَضَاؤُهُ.
الْعَاشِرُ أَنْ يَرْتَعَ قَلْبُهُ فِي رِيَاضِ الْقُرْآنِ وَيَجْعَلَهُ لِقَلْبِهِ كَالرّبِيعِ لِلْحَيَوَانِ وَأَنْ يَسْتَضِيءَ بِهِ فِي ظُلُمَاتِ الشّبُهَاتِ وَالشّهَوَاتِ وَأَنْ يَتَسَلّى بِهِ عَنْ كُلّ فَائِتٍ وَيَتَعَزّى بِهِ عَنْ كُلّ مُصِيبَةٍ وَيَسْتَشْفِي بِهِ مِنْ أَدْوَاءِ صَدْرِهِ فَيَكُونَ جَلَاءَ حُزْنِهِ وَشِفَاءَ هَمّهِ وَغَمّهِ.
الْحَادِيَ عَشَرَ الِاسْتِغْفَارُ.
الثاني عَشَرَ التّوْبَةُ.
الثّالِثَ عَشَرَ الْجِهَادُ.
الرّابِعَ عَشَرَ الصّلَاةُ.
الْخَامِسَ عَشَرَ الْبَرَاءَةُ مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوّةِ وَتَفْوِيضِهِمَا إلَى مَنْ هُمَا بِيَدِهِ.

.فَصْلٌ فِي بَيَانِ جِهَةِ تَأْثِيرِ هَذِهِ الْأَدْوِيَةِ فِي هَذِهِ الْأَمْرَاضِ:

خَلَقَ اللّهُ- سُبْحَانَهُ- ابْنَ آدَمَ وَأَعْضَاءَهُ وَجَعَلَ لِكُلّ عُضْوٍ مِنْهَا كَمَالًا إذَا فَقَدَهُ أَحَسّ بِالْأَلَمِ وَجَعَلَ لِمَلِكِهَا وَهُوَ الْقَلْبُ كَمَالًا إذَا فَقَدَهُ حَضَرَتْهُ أَسْقَامُهُ وَآلَامُهُ مِنْ الْهُمُومِ وَالْغُمُومِ وَالْأَحْزَانِ. فَإِذَا فَقَدَتْ الْعَيْنُ مَا خُلِقَتْ لَهُ مِنْ قُوّةِ الْإِبْصَارِ وَفَقَدَتْ الْأُذُنُ مَا خُلِقَتْ لَهُ مِنْ قُوّةِ السّمْعِ وَاللّسَانُ مَا خُلِقَ لَهُ مِنْ قُوّةِ الْكَلَامِ فَقَدَتْ كَمَالَهَا.

.وَظِيفَةُ الْقَلْبِ:

وَالْقَلْبُ خُلِقَ لِمَعْرِفَةِ فَاطِرِهِ وَمَحَبّتِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَالسّرُورِ بِهِ وَالِابْتِهَاجِ بِحُبّهِ وَالرّضَى عَنْهُ وَالتّوَكّلِ عَلَيْهِ وَالْحُبّ فِيهِ وَالْبُغْضِ فِيهِ وَالْمُوَالَاةِ فِيهِ وَالْمُعَادَاةِ فِيهِ وَدَوَامِ ذِكْرِهِ وَأَنْ يَكُونَ أَحَبّ إلَيْهِ مِنْ كُلّ مَا سِوَاهُ وَأَرْجَى عِنْدَهُ مِنْ كُلّ مَا سِوَاهُ وَأَجَلّ فِي قَلْبِهِ مِنْ كُلّ مَا سِوَاهُ وَلَا نَعِيمَ لَهُ وَلَا سُرُورَ وَلَا لَذّةَ بَلْ وَلَا حَيَاةَ إلّا بِذَلِكَ وَهَذَا لَهُ بِمَنْزِلَةِ الْغِذَاءِ وَالصّحّةِ وَالْحَيَاةِ فَإِذَا فَقَدَ غِذَاءَهُ وَصِحّتَهُ وَحَيَاتَهُ فَالْهُمُومُ وَالْغُمُومُ وَالْأَحْزَانُ مُسَارِعَةٌ مِنْ كُلّ صَوْبٍ إلَيْهِ وَرَهْنٌ مُقِيمٌ عَلَيْهِ.

.أَمْرَاضُ الْقَلْبِ:

وَمِنْ أَعْظَمِ أَدْوَائِهِ الشّرْكُ وَالذّنُوبُ وَالْغَفْلَةُ وَالِاسْتِهَانَةُ بِمَحَابّهِ وَمَرَاضِيهِ وَتَرْكُ التّفْوِيضِ إلَيْهِ وَقِلّةُ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ وَالرّكُونُ إلَى مَا سِوَاهُ وَالسّخْطُ بِمَقْدُورِهِ وَالشّكّ فِي وَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ.

.عِلَاجَاتُ أَمْرَاضِ الْقَلْبِ:

وَإِذَا تَأَمّلْت أَمْرَاضَ الْقَلْبِ وَجَدْت هَذِهِ الْأُمُورَ وَأَمْثَالَهَا هِيَ أَسْبَابُهَا لَا الْمُضَادّةِ لِهَذِهِ الْأَدْوَاءِ فَإِنّ الْمَرَضَ يُزَالُ بِالضّدّ وَالصّحّةُ تُحْفَظُ بِالْمِثْلِ فَصِحّتُهُ تُحْفَظُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ النّبَوِيّةِ وَأَمْرَاضُهُ بِأَضْدَادِهَا.

.فَوَائِدُ التّوْحِيدِ، فَوَائِدُ التّوْبَةِ:

فَالتّوْحِيدُ يَفْتَحُ لِلْعَبْدِ بَابَ الْخَيْرِ وَالسّرُورِ وَاللّذّةِ وَالْفَرَحِ وَالِابْتِهَاجِ وَالتّوْبَةُ اسْتِفْرَاغٌ لِلْأَخْلَاطِ وَالْمَوَادّ الْفَاسِدَةِ الّتِي هِيَ سَبَبُ أَسْقَامِهِ وَحَمِيّةٌ لَهُ مِنْ التّخْلِيطِ فَهِيَ تُغْلِقُ عَنْهُ بَابَ الشّرُورِ فَيُفْتَحُ لَهُ بَابُ السّعَادَةِ وَالْخَيْرِ بِالتّوْحِيدِ وَيُغْلَقُ بَابُ الشّرُورِ بِالتّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ. قَالَ بَعْضُ الْمُتَقَدّمِينَ مِنْ أَئِمّةِ الطّبّ: مَنْ أَرَادَ عَافِيَةَ الْجِسْمِ فَلْيُقَلّلْ مِنْ الطّعَامِ وَالشّرَابِ وَمَنْ أَرَادَ عَافِيَةَ الْقَلْبِ فَلْيَتْرُكْ الْآثَامَ. وَقَالَ ثَابِتُ بْنُ قُرّةَ: رَاحَةُ الْجِسْمِ فِي قِلّةِ الطّعَامِ وَرَاحَةُ الرّوحِ فِي قِلّةِ الْآثَامِ وَرَاحَةُ اللّسَانِ فِي قِلّةِ الْكَلَامِ. وَالذّنُوبُ لِلْقَلْبِ بِمَنْزِلَةِ السّمُومِ إنْ لَمْ تُهْلِكْهُ أَضْعَفَتْهُ وَلَابُدّ وَإِذَا ضَعُفَتْ قُوّتُهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مُقَاوَمَةِ الْأَمْرَاضِ قَالَ طَبِيبُ الْقُلُوبِ عَبْدُ اللّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ:
رَأَيْتُ الذّنُوبَ تُمِيتُ الْقُلُوبَ ** وَقَدْ يُورِثُ الذّلّ إدْمَانُهَا

وَتَرْكُ الذّنُوبِ حَيَاةُ الْقُلُوبِ ** وَخَيْرٌ لِنَفْسِكَ عِصْيَانُهَا

.الْهَوَى أَكْبَرُ أَمْرَاضِ الْقَلْبِ فَلَا بُدّ مِنْ مُخَالَفَتِهِ:

فَالْهَوَى أَكْبَرُ أَدْوَائِهَا وَمُخَالَفَتُهُ أَعْظَمُ أَدْوِيَتِهَا وَالنّفْسُ فِي الْأَصْلِ خُلِقَتْ جَاهِلَةً ظَالِمَةً فَهِيَ لِجَهْلِهَا تَظُنّ شِفَاءَهَا فِي اتّبَاعِ هَوَاهَا وَإِنّمَا فِيهِ تَلَفُهَا وَعَطَبُهَا وَلِظُلْمِهَا لَا تَقْبَلُ مِنْ الطّبِيبِ النّاصِحِ بَلْ تَضَعُ الدّاءَ مَوْضِعَ الدّوَاءِ فَتَعْتَمِدُهُ وَتَضَعُ الدّوَاءَ مَوْضِعَ الدّاءِ فَتَجْتَنِبُهُ فَيَتَوَلّدُ مِنْ بَيْنِ إيثَارِهَا لِلدّاءِ وَاجْتِنَابِهَا لِلدّوَاءِ أَنْوَاعٌ مِنْ الْأَسْقَامِ وَالْعِلَلِ الّتِي تُعْيِي الْأَطِبّاءَ وَيَتَعَذّرُ مَعَهَا الشّفَاءُ. وَالْمُصِيبَةُ الْعُظْمَى أَنّهَا تُرَكّبُ ذَلِكَ عَلَى الْقَدَرِ فَتُبْرِئُ نَفْسَهَا وَتَلُومُ رَبّهَا بِلِسَانِ الْحَالِ دَائِمًا وَيَقْوَى اللّوْمُ حَتّى يُصَرّحَ بِهِ اللّسَانُ.

.حَدِيثُ ابْنِ عَبّاسٍ مُشْتَمِلٌ عَلَى تَوْحِيدِ الْإِلَهِيّةِ وَالرّبُوبِيّةِ وَصِفَتَيْ الْعَظَمَةِ وَالْحِلْمِ:

وَإِذَا وَصَلَ الْعَلِيلُ إلَى هَذِهِ الْحَالِ فَلَا يَطْمَعُ فِي بُرْئِهِ إلّا أَنْ تَتَدَارَكَهُ رَحْمَةٌ مِنْ رَبّهِ فَيُحْيِيهِ حَيَاةً جَدِيدَةً وَيَرْزُقُهُ طَرِيقَةً حَمِيدَةً فَلِهَذَا كَانَ حَدِيثُ ابْنِ عَبّاسٍ فِي دُعَاءِ الْكَرْبِ مُشْتَمِلًا عَلَى تَوْحِيدِ الْإِلَهِيّةِ وَالرّبُوبِيّةِ وَوَصْفِ الرّبّ سُبْحَانَهُ بِالْعَظَمَةِ وَالْحِلْمِ وَهَاتَانِ الصّفَتَانِ مُسْتَلْزِمَتَانِ لِكَمَالِ الْقُدْرَةِ وَالرّحْمَةِ وَالْإِحْسَانِ وَالتّجَاوُزِ وَوَصْفِهِ بِكَمَالِ رُبُوبِيّتِهِ لِلْعَالَمِ الْعُلْوِيّ وَالسّفْلِيّ وَالْعَرْشِ الّذِي هُوَ سَقْفُ الْمَخْلُوقَاتِ وَأَعْظَمُهَا وَالرّبُوبِيّةُ التّامّةُ تَسْتَلْزِمُ تَوْحِيدَهُ وَأَنّهُ الّذِي لَا تَنْبَغِي الْعِبَادَةُ وَالْحُبّ وَالْخَوْفُ وَالرّجَاءُ وَالْإِجْلَالُ وَالطّاعَةُ إلّا لَهُ. وَعَظَمَتُهُ الْمُطْلَقَةُ تَسْتَلْزِمُ إثْبَاتَ كُلّ كَمَالٍ لَهُ وَسَلْبَ كُلّ نَقْصٍ وَتَمْثِيلٍ عَنْهُ. وَحِلْمُهُ يَسْتَلْزِمُ كَمَالَ رَحْمَتِهِ وَإِحْسَانِهِ إلَى خَلْقِهِ. فَعِلْمُ الْقَلْبِ وَمَعْرِفَتُهُ بِذَلِكَ تُوجِبُ مَحَبّتَهُ وَإِجْلَالَهُ وَتَوْحِيدَهُ فَيَحْصُلُ لَهُ مِنْ الِابْتِهَاجِ وَاللّذّةِ وَالسّرُورِ مَا يَدْفَعُ عَنْهُ أَلَمَ الْكَرْبِ وَالْهَمّ وَالْغَمّ وَأَنْتَ تَجِدُ الْمَرِيضَ إذَا وَرَدَ عَلَيْهِ مَا يَسُرّهُ وَيُفْرِحُهُ وَيُقَوّي نَفْسَهُ كَيْفَ تَقْوَى الطّبِيعَةُ عَلَى دَفْعِ الْمَرَضِ الْحِسّيّ فَحُصُولُ هَذَا الشّفَاءِ لِلْقَلْبِ أَوْلَى وَأَحْرَى. ثُمّ إذَا قَابَلْت بَيْنَ ضِيقِ الْكَرْبِ وَسَعَةِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ الّتِي تَضَمّنَهَا دُعَاءُ الْكَرْبِ وَجَدْته فِي غَايَةِ الْمُنَاسَبَةِ لِتَفْرِيجِ هَذَا الضّيقِ وَخُرُوجِ الْقَلْبِ مِنْهُ إلَى سَعَةِ الْبَهْجَةِ وَالسّرُورِ وَهَذِهِ الْأُمُورُ إنّمَا يُصَدّقُ بِهَا مَنْ أَشْرَقَتْ فِيهِ أَنْوَارُهَا وَبَاشَرَ قَلْبُهُ حَقَائِقَهَا.

.فَوَائِدُ صِفَتَيْ الْحَيّ الْقَيّومِ:

وَفِي تَأْثِيرِ قَوْلِهِ يَا حَيّ يَا قَيّومُ بِرَحْمَتِك أَسْتَغِيث فِي دَفْعِ هَذَا الدّاءِ مُنَاسِبَةٌ بَدِيعَةٌ فَإِنّ صِفَةَ الْحَيَاةِ مُتَضَمّنَةٌ لِجَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ مُسْتَلْزِمَةٌ لَهَا وَصِفَةُ الْقَيّومِيّةِ مُتَضَمّنَةٌ لِجَمِيعِ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ وَلِهَذَا كَانَ اسْمَ اللّهِ الْأَعْظَمَ الّذِي إذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى: هُوَ اسْمُ الْحَيّ الْقَيّومِ وَالْحَيَاةُ التّامّةُ تُضَادّ جَمِيعَ الْأَسْقَامِ وَالْآلَامِ وَلِهَذَا لَمّا كَمُلَتْ حَيَاةُ أَهْلِ الْجَنّةِ لَمْ يَلْحَقْهُمْ هَمّ وَلَا غَمّ وَلَا حَزَنٌ وَلَا شَيْءٌ مِنْ الْآفَاتِ. وَنُقْصَانُ الْحَيَاةِ تَضُرّ بِالْأَفْعَالِ وَتُنَافِي الْقَيّومِيّةَ الْقَيّومِيّةِ لِكَمَالِ الْحَيَاةِ فَالْحَيّ الْمُطْلَقُ التّامّ الْحَيَاةِ لَا تَفُوتُهُ صِفَةُ الْكَمَالِ الْبَتّةَ وَالْقَيّومُ لَا يَتَعَذّرُ عَلَيْهِ فِعْلٌ مُمْكِنٌ الْبَتّةَ فَالتّوَسّلُ بِصِفَةِ الْحَيَاةِ الْقَيّومِيّةِ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي إزَالَةِ مَا يُضَادّ الْحَيَاةَ وَيَضُرّ بِالْأَفْعَالِ.

.تَوَسّلُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِرُبُوبِيّةِ اللّهِ لِجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ:

وَنَظِيرُ هَذَا تَوَسّلُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى رَبّهِ بِرُبُوبِيّتِهِ لِجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ أَنْ يَهْدِيَهُ لِمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ الْحَقّ بِإِذْنِهِ فَإِنّ حَيَاةَ الْقَلْبِ بِالْهِدَايَةِ وَقَدْ وَكّلَ اللّهُ سُبْحَانَهُ هَؤُلَاءِ الْأَمْلَاكَ الثّلَاثَةَ بِالْحَيَاةِ فَجِبْرِيلُ مُوَكّلٌ بِالْوَحْيِ الّذِي هُوَ حَيَاةُ الْقُلُوبِ وَمِيكَائِيلُ بِالْقَطْرِ الّذِي هُوَ حَيَاةُ الْأَبْدَانِ وَالْحَيَوَانِ وَإِسْرَافِيلُ بِالنّفْخِ فِي الصّورِ الّذِي هُوَ سَبَبُ حَيَاةِ الْعَالَمِ وَعَوْدِ الْأَرْوَاحِ إلَى أَجْسَادِهَا فَالتّوَسّلُ إلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِرُبُوبِيّةِ هَذِهِ الْأَرْوَاحِ الْعَظِيمَةِ الْمُوَكّلَةِ بِالْحَيَاةِ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي حُصُولِ الْمَطْلُوبِ. وَالْمَقْصُودُ أَنّ لِاسْمِ الْحَيّ الْقَيّومِ تَأْثِيرًا خَاصّا فِي إجَابَةِ الدّعَوَاتِ وَكَشْفِ الْكُرُبَاتِ وَفِي السّنَنِ وصَحِيحِ أَبِي حَاتِمٍ مَرْفُوعًا: اسْمُ اللّهِ الْأَعْظَمُ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْن {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ الرّحْمَنُ الرّحِيمُ} [الْبَقَرَةُ 163] وَفَاتِحَةُ آلِ عِمْرَانَ {الم اللّهُ لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ الْحَيّ الْقَيّومُ} قَالَ التّرْمِذِيّ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَفِي السّنَنِ وصَحِيحِ ابْنِ حِبّانَ أَيْضًا: مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنّ رَجُلًا دَعَا فَقَالَ اللّهُمّ إنّي أَسْأَلُكَ بِأَنّ لَكَ الْحَمْدَ لَا إلَهَ إلّا أَنْتَ الْمَنّانُ بَدِيعُ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ يَا حَيّ يَا قَيّومُ فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَقَدْ دَعَا اللّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ الّذِي إذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى وَلِهَذَا كَانَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذَا اجْتَهَدَ فِي الدّعَاءِ قَالَ يَا حَيّ يَا قَيّومُ.